الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: القانون **
قال " بولس الاحتياطي ": إن استدارات الخرز ربما يعرض لها الرضّ وأما الكسر فقلما يعرض لها وحينئذ تنعصر صفاقات النخاع أو النخاع بعينه فيشاركهما العصب في الألم ويتبعهما الموت سيما إن عرض ذلك لخرز العنق ولهذا ينبغي أن نقدّم القول ونخبر بالعطب الكائن وإن أمكن أن يخاطر وينزع العظم المؤذي بالشقّ فذلك وإلا ينبغ أن تدبرهم بالتدبير الذي يسكن الأورام الحارة وإنبقي شيء من الأجزاء الثابتة من الخرز التي تكون منها التي تسمى شوكية فإن ذلك يسقط سريعاً تحت الأضلاع إذا أردنا تفتيشه لأن الذي تفتت يتحرك فيزول عن موضعه فينبغي أن ينزع لك بشق الجلد من خارج ثم يجمع بالخياطة ويستعمل فيه علاج يلحم فإن انكسر عظم الكاهل أسفل القطن والعصعص فليدخل أصبع السبابة من اليد اليسرى في المقعدة ويُسَوِّ العظم المكسورباليد الأخرى على ما يمكن وإن أحسسنا بعظم مكسور قد تبرأ فينبغي أن ينتزع أيضاً بالشق كما قلنا ثم يستعمل الرباط الذي يليق بالمقعدة والعلاج الموافق لها. عظم العضد إذا انكسر كان في الأكثر إنما يميل إلى خارج فيجب أن تفعل ما يجب أن يفعل في رد الكسر إلى وضعه على ما علمت وتمسّه بيدك وتسوّيه التسوية البالغة واربطه بالرباط المتصاعد ولو إلى المنكب تشده به إن كان قريباً منه ثم الرباط المتنازل على ما علمت ولو إلى تحت المرفق إن كان الكسر قريباً من المرفق ثم اربطه برباط ثالث يصعد من أسفل إلى فوق وعلق اليد مروّى لا يكون معلقاً مدلى فإنه رديء. والأجود أن يستند العضو إلى الصدر على التزوية في المرفق لئلا يتحرك وخصوصاً إذا كان انكسر بقرب المرفق واجعل على الرباط إما ماء وخلاً أو ماء وحده إن كان الكسر بعد لم يَرِمّ واجعله من كتان وعرضه أربع أصابع لا غير وإن كان قد أتى عليه مدة وورم فاجعله في صوف واغمسه في دهن وان أمكنك ولا يكونن مانع فلا تحلن إلى السابع فما بعده إلى العاشر ثم حينئذ تحلّ وتربط بالجبائر. وإن دعاك الاحتياط إلى غير ذلك فحلّ في الثالث وهو الذي يميل إليه " أبقراط " فإنه يدفع آفات وإن أضر بالانجبار. وأما كيفية وضع الجبائر فيجب أن يكفيك ما بينا لك في بابها ولا تفارقنه الشدّ إلى أقل من أربعين يوماً وإذا احتيج بحسن الإعادة إلى مد شديد ولم يواتك ولم تعن معونة من يعينك فاجلس العليل على كرسي مشرف ويكون إلى القائم أكثر منه إلى القاعد وليتكين بإبطه " على درجة من السلم أو ما يشبهها مما علمت في باب الخلع وقد وطىء ذلك الموضع ومهّد وليّن ثم لتعلق من مرفقه شيئاً ثقيلاً تمدّه إلى أسفل فإذا امتد الامتداد المطلوب سوّي وإن أغناك ربط عصائب قوية تحت الكسر وفوقه وإنامة العليل مستلقياً ومد ما عصبت بأقوياء من الرجال إلى تحت وإلى فوق ففي ذلك كفاية إذا كان الكسر في وسط العضد جعلت الربط ببعد واحد من طرفي المفصل وإن كان أقرب إلى جانب جعلت الربط شديد القرب من طرف بعيداً من الآخر وإن كان صدع فقط فعالجه علاج الصدع وشدّ عليه الربط. قد يتفق أن تنكسر الزندان معاً وقد يتفق أن ينكسر أحدهما وانكسار الزند الأسفل شر وأقبح من انكسار الزند الأعلى إذا انفرد الكسر بأحدها وذلك لأن الزند الأسفل وهو الساعد هو الحامل فانكساره شر ولأنه معرى من اللحم فانكساره أقبح وأيضاً فإن قبول الأعلى للعلاج سهل يكفيه مدّ يسير ولا كذلك الأسفل وخصوصاً إن انكسرا معاً ويجب أن يتوكأ عند مد العضو على الكوع وهو أصل الكفّ ويتعرف مبلغ شدّ الرباط فإنه إن أحدث منه في الأصابع ورماً يسيراً ووجعاَ يسيراً فإن الرباط معتدل وإن لم يكن البتة فهو رخو وإن كان كثيراً مفرطاً فهو شديد يجب أن يرخّى وأما وضع الجبائر فليس مما يخفي عليك ولكنها يجب أن لا يبلغ بطولها الكفّ وأصول الأصابع بل أقصر من ذلك بقليل إلا أن المحوج إليه قرب الكسر من المفصل الرسغي ولكن حينئذ أيضاً يجب أن لا يمسّ البراجم من الأصابع وإذا جبر وربط فيجب أن يعلق من العنق على شكل مروّى ويجب أن يكون تعليقه خاصة إن كسره إلى أسفل بخرقة عريضة تأخذ طول الساعد كله فإنه إن كان ملاقاة العلاقة من قرب الكسر فقط وسائره مبرأ عن المستند عرض التواء لا محالة ومال على ما يوجبه ميل الكفّ بل يجب أن يكون الكف وأكثر الساعد في العلاقة وأما إن كان الكسر إلى فوق فيجب أن يكون التعليق بحيث يبرىء الكسر ويقل الطرفين من جانب الكف ومن جانب المرفق فإن تبرأ ما بين ذلك يكون عوناً له على استواء الشكل وتكون العلاقة خرقة لينة ويكون التعليق بحيث لا تكبه البتة ولا تبسطه بسطاً عنيفاً وربما عرض للساعد أن يتجبر بسرعة إلى قرب ثمانية وعشرين يوماً. هذه العظام قلما يعرض لها الكسر فإنها صلبة جداً وإذا أصابها سبب أزالها عن مواضعها ولم يكسرها فتكون غاية العلاج فيها نحو ما قلناه في الخلع. هذه أيضاً قلّما يعرض لها الكسر بل يعرض لها زوال وقالوا إن عرض لها كسر فينبغي أن يجلس العليل على كرسي مرتفع ويؤمر أن يضع كفه طى كرسي مستوِ ويمدّ العظام المكسورة خادم ويسوّيها الطبيب بالإبهام والسبابة. وإن كانت الابهام مائلة إلى أسفل فينبغي استعمال الرباط من فوق فربما عرض ورم حار ولمكان إسترخاء هذه العظام تجتمع إليها فضلة كثيرة وتجمد سريعاً فيشتدّ وإن عرض الكسر لسلامى أو لأصبغ إن كان الإبهام فينبغي أن يربط الرباط الخاص له وأن يربط أيضاً مع الكف لتثبت ولا تتحرّك وإن عرض الكسر لشيء من سائر الأصابع إن كانت السبابة أو الخنصر فلتربط مع التي تقرب منها وإن كان من الأصابع الوسطي فلتربط مع التي من جانبيها أو تربط كلها على الولاء بعضها مع بعض فإنه أجود وذلك أنها تثبت ولا تتحزك وتكون حينئذ كأنها قد ربطت مع جبائر أعني العظام المكسورة. عظم الورك قد ينكسر في الندرة بحال قوته وقد يعرض ذلك به على سبيل تفتت الأطراف وقد ينشق في الطول وقد يندفع داخله إلى باطن وقد يعرض بعد هذه الأحوال أيضاً من الوجع والنخس وخدر الساق والفخذ قريباً مما يعرض للعضد من انكسار المنكب وإذا انكسر العظم العريض الذي فوق العصعص أو تشظت عضلة صعب الأمر في إصلاحه وصار أحد الوركين إلى النقصان وعلاجه أن يبطح العليل ويتعاطى رجلان قويان مد فخذيه كل يمدّ منه فخذاً وقد تشبّث واحد بيديه لئلا يتسارعا إلى مدافعة ممن يُمَدّ فخذيه ويتولّى مجبر إن غمر وركيه بشدة وقوة حتى يستوي ثم يهيأ عليه الضماد ثم يستلقي على مثل كبة من خرقة أو نحوها مما له صلابة وهذا قريب مما يعالج به الكتف أيضاً. وإذا انكسر من جانب الورك فعلاجه علاج انكسار المنكب ويجب أن يستعمل ا! لترطيب على الربط ويسوّي الرفائد كما ينبغي ويجب أن تكون مستندة على موضع وطيء جيداً. إذا انكسر الفخذ احتيج إلى مد قوي شديد ثم يسوى على الهيئة الطبيعية التي له وهي تحديب في وحشيه وتقعير يسير في أنسية على استمرار الهيئة التي له في الصحة وتراعى من حال انكسار وسطه وطرفه الأعلى والأسفل أحوال ذكرت في باب العضد ويكون الشد إلى فوق ليحفظ ويحبس. قالوا إذا انكسرت الفخذ انقلبت إلى المواضع القدّام وإلى خارج وذلك أنها عريضة من هذه الناحية بالطبع وتسوى بالأيدي والرباطات وأنواع المد التي تكون على المساواة ويصير أحد الرباطين فوق الكسر والآخر تحت الكسر إذا كان الكسر في الوسط وأما إذا كان الكسر مائلاً عن الوسط وكان قريباً من رأس الفخذ فليؤخذ قماط ويلف في وسطه صوف لئلا يقطع في اللحم ويصير وسطه على العانة ويصعد أطرافه إلى ناحية الرأس ويدفع إلى خادم يمسكها إلى أسفل وإن كان الكسر فيما يلي الركبة فإنا نصير الرباط من فوق الكسر وندفع أطرافه إلى من يمدّها إلى فوق ونضبط الركبة أيضاً برباط نلفة عليه ونسوي هذا العضو والعليل مستلق على وجهه وساقه ممدودة وإن كان عظام تنخس فينبغي أن تسوى كما قلنا مراراً كثيرة وما ارتفع منها فليؤخذ وأما سائر التدبير فليكن على ما ذكرنا في باب علاج العضد وعظم الفخذ يشتدّ في خمسين ليلة وسنخبر كيف ينبغي أن يكون وضعه بعد أن يجمع علاج الساق ويجب أن يوضع بين الفخذين حينئذ كسرة من خشب أو نحوه حافظة للهيئة التي تسوى عليه وتجبر الجبر المعروف على تعاهد لما سيحدث من ورم وحكة. وإذا عرض ورم على الفخذ فإنه يكون ورماً قوياً وهو مما يتسارع إلى الفخذ فحينئذ يجب أن تباثر إلى الحل ليتنفس ويتبدد الورم وقد عرفت النطولات الخاصة به وأما القوالب والبرابخ وهي ألواح عظام فيَها قليل تقعير لتتهندم على اللفائف. وتأخذ طول الرجل فإنها إن قصرت ولم تجبر على الساق وقطع دون ذلك كان ذلك مما لا فائدة فيه الفائدة المطلوبة فيه. وإن طولت كان المريض منها في تعب على أنها إن قصرت لم يخل من أتعاب وفائدة تطويلها أن يمنع أيضاً الطائفة الصحيحة من الرجل أن تتحرك إذا كانت حركة ذلك القدر ضارة بالكسر وخصوصاً في حال الغفلة والنوم وكان الحاجة إلى هذه الآلات إنما تكون في الكسر العظيم جداً ولا يمكن مع ذلك استعمالها إلا قبل أن ترم فإن الورم لا يحتمل أمثالها وبالجملة هو ثقل وبلاء وتعب ولا يجب أن يرغب فيها ما دام عنها استغناء بحيل أخرى وأما نصبة مجبور الفخذ فينبغي أن يكون على ما اعتاده في الصحة من دوام القبض والبسط والذي هو الأغلب فهو البسط واعلم أن منكسر الفخذ والورك قلما يعرى من عوج إذا انجبر وإن انقطعت شظايا عضلها استرسلت أولاً ثم تقلصت ثانياً. الفلكة قلما تنكسر وفي الأكثر تندق ويعرض ما يعرض لها باللمس وخشونته وبالفرقعة التي يفطن لها باللمس ويسمع بالأذن ويجب في علاجها أن يمدّ الساق ثم يلقم الفلكة موضعها وإن كانت تفرقت تجمع أولاً ثم تدس. إذا نكسر العظم الصغير من الساق فهو أسلم من أن ينكسر العظم الكبير وإذا انكسرت القصبة الصغرى العليا كان الميل إلى خارج وقدّام وكان المشي مع ذلك ممكناً وإن انكسرت القصبة الكبرى السفلى مال الساق إلى خلف وإلى خارج وإذا انكسرت القصبتان جميعاً فهو أردأ وحينئذ قد يعرض للساق أن يميل إلى جميع الجهات. واعلم أن علاج كسر الساق على قياس علاج الساعد وفي مثله وليس حال الساق في انحراف يعرض لشكله الطبيعي كحال العضد بل هو مستقيم. فيجب أن تكون مدة على أن يرد إلى الاستقامة فقط. الكعب مصون عن الانكسار لصلابته وبإحاطة الوقايات به وأكثر ما يعرض له إنما هو الخلع وقد قيل في ذلك كلام مستوفي. إنكسار العقب صعب وعلاجه عسر وأكثر ما ينكسر إذا سقط الإنسان من موضع فاتكأ على رجليه وربما عرض معه رض عظيم مع سيلان دم إلى بطون العضل يجمد فيها وقد يؤدي إلى أعراض عظيمة من حمّى واختلاط عقل وارتعاش وتشنّج من الرجل وإذا عرض فيه ورم جامد ليس يستبين ولا يخرج وقد أحدث كمودة لم تكن فهو علامة رديئة يدل على أنه في طريق التعفّن وإن كان ورمه ظاهراً مدافعاً فهو أجود وربما تيسر انجباره وإذا انجبر العقب علاجها في الخلع والكسر علاج أصابع اليد وربما سوّاها المجبر بقدمه يطؤها به وعليك أن تحتاط في جمع ذلك.
|